الاثنين، 26 سبتمبر 2011

للحرية ثمن !!

لقد قال احد الحكماء قديما (( لا يمكن أن يتحقق السلام ما لم يتعامل المنتصر مع الخاسر على قدم المساواة )) ، هذه الحكمة لازالت تنطبق على الواقع في كل مكان يوجد فيه صراع وبالتأكيد في كل صراع هناك رابح وخاسر ، وقد تذكرتها الأسبوع الماضي وبالتحديد أثناء زيارة وفد الكونجرس الأمريكي إلى العراق ، حيث طالب الوفد من الحكومة العراقية تعويضا عن الأموال التي صرفتها الولايات المتحدة الأمريكية في حربها على العراق ، أصدقكم القول أعزائي القراء لقد جن جنوني وأنا اسمع من خلال وسائل الإعلام هذا الخبر ، فكيف وصلت الوقاحة بالدولة العظمى التي تدعي العدالة إن تطالب العراق بمبالغ تعويضية عن قتل الآلاف من أبنائه وتشريد الملايين وتدمير البلد اجتماعيا واقتصاديا وعسكريا بل خسر العراقيين كل شيء ولم يربحوا شيئا واحدا جراء الاحتلال الأمريكي لبلدهم وفي المقابل ربحت أمريكا كل شيء بل إن احتلال العراق فتح لها أبواب كنوز الشرق وراحت تلعب به كيف تشاء ولم يكلفها ذلك سوى بضع من الدولارات وضعوها في كف بعض(( البلطجية )) الذين تربوا في دهاليز مخابراتها ليعلنوا الثورة على البيروقراطية ويفتحوا أبواب بلدان الشرق للديمقراطية المزيفة التي ستكون وبالا على الشرق بأكمله ، لقد قص على مسامعي قبل عشرين عاما شيخا من أقاربي حكاية مفادها إن فلاحا من أبناء جلدتنا كان أيام الاحتلال العثماني للعراق يأبى أن يدفع (الجزية) للفرمان العثماني وكلما جاء الفرمان ومعه ( الجند رمة ) يطالبونه بالدفع رفض وكانت زوجته تلح عليه أن يدفعها لهم خوفا عليه إلا انه كان يصر على عدم دفعها ، عند ذاك يأمر الفرمان (الجند رمة) بضربه واعتقاله ، وقت ذاك يضطر المسكين إلى دفع (الجزية) ، هذه الحكاية يبدو إنها تتكرر في عصر الحرية والديمقراطية التي جلبتها أمريكا للعراق ، ويبدو إن ( للحرية ثمن ) وثمنها يجب أن يدفعه العراق للحكومة الأمريكية ولازلنا لا ندري كم هو الثمن ، وأنا اعتقد ولا أريد أن اجزم إن هذا الثمن سيكلف العراق تصدير النفط للولايات المتحدة الأمريكية مجانا لخمسين سنة قادمة ( هذا إذا رضوا ) ، الأدهى والأمر إن الحكومة العراقية لم تعلق ولم يصدر عنها شيء اتجاه هذا التصريح ( وربما يكون لهم فيها نسبة أو إنهم يعملون بمبدأ السكوت علامة الرضا ) ، وعندما وجد الأمريكان إن هذا الطلب جاء في توقيت خاطيء ، خرج السفير الأمريكي في العراق ليعلن إن هذا التصريح لا يمثل وجهة نظر الحكومة الأمريكية ، وأريد أن أقولها بملء فمي بل هو يمثل وجهة نظر الحكومة الأمريكية والإسرائيلية والإيرانية والكويتية والقطرية والبيزنطية والـ......... نية ) ولكن يبدو إن التوقيت لم يكن مناسبا وعندما يحن الوقت سندفع رغم أنوفنا وهل تعرفون متى عندما تصبح القوات الإيرانية على مشارف بغداد ( والله اعلم أقريب أم بعيد ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق