ويكيليكس..زوبعة في فنجان!
لا يخفى على احد إن السياسة الأمريكية سياسة ديناميكية تتبع التغيرات التي تطرأ على الساحة الدولية أولا بأول ، وخلال عقدين من الزمن وبسبب سياسة العنف التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية في حملتها التي تسميها ( الحرب على الإرهاب ) رغم أني اشكك في هذا المصطلح ، إن صورة الولايات المتحدة الأمريكية بسبب هذه السياسة قد أصبحت مشوهه وضبابية إلى حد كبير خاصة بعد إخفاقاتها في أفغانستان والعراق والأخطاء التي ارتكبت في هذين البلدين لاسيما فيما يتعلق بموضوع حقوق الإنسان وقتل الآلاف من المدنيين جراء العمليات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية ولعل آخرها عمليات القصف في باكستان والتي على أساس إنها تستهدف مسلحي طالبان فضلا عن أخطاء أخرى كثيرة أحرجت حكومة الولايات المتحدة لأكثر من مرة كقضية سجن أبو غريب والسجون والمعتقلات السرية وعمليات التعذيب في معتقل غوانتنامو وقد عصفت الأزمة الاقتصادية وآثارها على ما تبقى من الصورة الأمريكية في العالم .
وبناء على ما تقدم عكف خبراء السياسة الأمريكية على إيجاد حل ومخرج من هذا الوضع الذي يراح يتأزم بشكل مستمر فقد لجأت السياسة الأمريكية أخيرا إلى إطلاق ورقة وثائق ويكيليكس لتحرج بها جميع دول العالم ماعدا الولايات المتحدة الأمريكية ، ومن نتائجها إحراج المسؤلين العراقيين بعلاقاتهم الإقليمية أمام عامة أبناء الشعب بما يؤدي إلى ضعف ثقة الناس بالحكومة العراقية وتعزيز الثقة بالأمريكان ( كمخلصين ) للعراقيين من الإخطار الإقليمية وجعل الحكومة العراقية تحت ضغط وسيطرة السفير الأمريكي في العراق .
كذلك استطاعت ومن خلال هذه الزوبعة إن تنفذ العديد من برامجها السياسية ولعل أبرزها إشعال فتيل الأزمة بين العرب وإيران لتتخلص من البرنامج النووي الإيراني بطريقة غير مباشرة من خلال نزاع عربي فارسي بما يخدم المصالح الأمريكية كسوق كبيرة للأسلحة الأمريكية والذي يمهد للانفراد بسوق النفط الخليجي ، وتحقيق مصلحة أخرى ألا وهي الضغط على الحكومات الدكتاتورية في العالم من خلال فضح تصريحات رؤساء هذه البلدان ونشر سريات تصرفات عوائل هؤلاء الحكام كما حدث مع عائلة الرئيس التونسي ، المراقب لوثائق ويكيليكس يرى إنها تدور في مناطق معينة وتدور حول المصالح الأمريكية كما نلاحظ إن هذه الوثائق لم تتعرض إلى سلبيات للحكومة الأمريكية ماعدا تلك التي تخدم إلى حد ما السياسة الأمريكية الخارجية وهي غير محرجة منها لأنها أي الولايات المتحدة مستعدة لحرق أوراق كثيرة مقابل مصلحة سياسية عليا ، وعلى العموم إن زوبعة ويكيليكس واحدة من إستراتيجيات السياسة الأمريكية فالولايات المتحدة الأمريكية لا تغير سياستها ولكنها تغير في الاستراتيجيات فقط وتبقى أزمة ويكيليكس ليست سوى زوبعة في فنجان .
عيسى عيال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق