ثورة الفجل
قبل أيام قليلة شاهد العالم اجمع وعبر شاشات التلفاز ثورة الشعب التونسي ضد الدكتاتور زين العابدين بن علي بعد أن استأثر بالسلطة على نحو ثلاثة عقود وهذه الثورة جاءت نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتردية فيما يتمتع أشخاص معدودين بالأموال والسلطة من آل بن العابدين ومن حزبه ومن لف لفهم ، ولكن الشعب التونسي لم يقف مكتوف الأيدي وعبر عن رفضه لهذا الواقع بثورة الياسمين ليطيح بزين العابدين وحزبه ، واليوم نشاهد ثورة جديدة في مصر ضد حكومة مبارك وحزبه الحاكم إن مسلسل الإطاحة بالدكتاتوريات في العالم العربي ستتعدد حلقاته لتشمل بلدان أخرى خاصة وان شعوب العربية بدأت تنحوا منحى () الذي عبر عن رفضه للدكتاتورية بإحراق نفسه وبدأت تتكرر مأساة انتحار الشباب في مصر والمغرب العربي ، وحسبي أن يتخذ الحكام العرب من هذه التجارب دروسا في مغادرة البيروقراطية والاستئثار بالسلطة ، إلا إن ما يجري على الساحة يعتبر هواء في شبك بالنسبة للحكومة العراقية ويبدو إننا لا نتعض ولا نأخذ من تجارب الآخرين عبر ودروس ففي الوقت الذي يمضي فيه العراق بخطوات متسارعة نحو الديمقراطية ونتمنى أن يتمتع العراقيون بهذه الديمقراطية بشكلها الأمثل نجد رئيس الوزراء العراقي يجري عكس ذلك تماما حيث أصدرت المحكمة الاتحادية حكما ربطت فيه الهيئات المستقلة برئاسة الوزراء وهذا القرار قرار جنوني على حد تعبير احد أعضاء البرلمان العراقي ، إن هذه الهيئات هي مؤسسات تنفيذية بحد ذاتها ولا تحتاج لآن ترتبط برئاسة الوزراء و أن ربطها فعليا بالسيد رئيس الوزراء يعني ابتعادها عن الاستقلالية فالنزاهة ومفوضية الانتخابات ومجلس القضاء والاجتثاث ، وما إلى ذلك من هيئات المفروض إنها تعمل بعيدا عن التحزب والانحياز ، ومعنى أن ترتبط برئيس الوزراء أي إنها ترتبط بحزب الدعوة أي تحزب الهيئات المستقلة وبالتالي فأنها ستعمل لمصلحة الحزب الواحد والقائد الأوحد وهذا تماما عكس الديمقراطية ، وتأسيس واضح لدكتاتورية جديدة في العراق إذ يريد أن يسيطر السيد المالكي على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها ويقتسم السلطة مع رجال حزبه وبالتالي يكون حزب الدعوة حزبا حاكما بشكل انفرادي ويتحول العراق إلى دكتاتورية جديدة ، وان حصل ما نخشاه فان الدكتاتور الجديد سوف يستولي على السلطة إلى مدى طويل ، وهذا ما يخشاه العراقيون خاصة وان الحكومة وحزبها الحكام موالون لجهات إقليمية مما يسمح بالتدخل الأجنبي في الشأن العراقي وبالتالي ستذهب مصالح العراقيون أدراج الرياح لتتصدر مصالح البلدان الداعمة للحكومة الدكتاتورية ، إن زمام الأمور اليوم أصبحت بأيدي الشعوب ولم يعد الأمر بيد الحكومات خاصة وان الغرب يدعم ويؤجج ويرحب بالتحولات الديمقراطية في البلدان الشرق أوسطية والغاية من هذا هي ليست مصلحة الشعوب بالتأكيد بل لمصالحها الخاصة ولكن ما يعنينا في الأمر أن العراقيون هذه المرة سوف يقومون بالتغيير بأنفسهم لكي لا تتكرر المأساة التي مر بها العراق بسبب الاحتلال الأمريكي وما لحقه وستكون ثورة العراقيين ليست ثورة ياسمين بل ثورة فجل وليحذر من يفكر بالدكتاتورية .
عيسى عيال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق